وإذن فلا مدخل لها إلى الألوهية.. وإذن فالله وحده هو المتفرد بها، لا شريك له.. «سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي تنزه سبحانه، وتعالى علوا كبيرا عن أن يكون له ندّ من هؤلاء المعبودين الذين يعبدونهم من دونه..
قوله تعالى:
«ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».
هذا الفساد الذي ظهر على هذه الأرض، وشمل برّها وبحرها، هو من صنع الناس، لأنهم هم الخلفاء عليها، وهم أصحاب الإرادات العاملة، فيها.. إن كل ما على هذه الأرض من كائنات، إنما تتحرك حركة منبعثة من طبيعتها التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيها، دون أن تخرج عليها..
ولهذا كان كل نوع من الكائنات على طريق واحد، لا اختلاف فيه بين فرد وفرد.. والإنسان وحده، هو الذي يعيش في الجماعة الإنسانية ذاتا مستقلة، لها تفكيرها، ولها أسلوبها في الحياة..
ومن هنا كان التغيير والتبديل في المجتمعات الإنسانية، وكانت الحروب الدائرة بينها، وكانت هذه الانحرافات والضلالات في العقائد والمعاملات، من كفر بالله، وكذب، وغش، وخداع، ونفاق.. إلى غير ذلك مما تمتلىء به دنيا الناس من مساوئ ومقابح..
وفي قوله تعالى: «ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ» - إشارة إلى أن هذا الفساد طارئ على هذه الأرض، لم تكن تعرفه قبل ظهور الإنسان فيها..
فلما ظهر الإنسان، ظهر الفساد..
وليس معنى هذا أن الإنسان هو عنصر الفساد في هذه الأرض، إذ لو كان