من صدق النبي.. ولكنه العناد الذي يورد أهله موارد الضلال، ويرمى بهم فى مواطن السوء.
- وقوله تعالى: «بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ».. إضراب على مقولتهم تلك، واعتبارها من لغو الكلام، وسقط القول، وإزالة هذا القول المنكر من هذا المقام، وإقامة الحق مقامه.. «بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ».
- وقوله تعالى: «لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ» يتعلق بقوله تعالى: «تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» أي أن هذا الكتاب المنزل من ربك بالحق، إنما أنزل إليك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك.. والقوم هنا هم قوم النبي.. وفي ذكرهم هذا الذكر المنكر «قوما» بدلا من إضافتهم إلى النبي هكذا: «لتنذر قومك».. إشارة إلى أنهم كانوا على حال من الضلال والضياع، بحيث كادت تذهب معالمهم، وتضيع إنسانيتهم، وفي هذا ما يدعوهم إلى النظر إلى أنفسهم، وإلى البحث عن وجودهم الضائع، حتى يجدوه في ضوء هذا النور المرسل إليهم.
- وقوله تعالى: «ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ».. إشارة إلى أن هؤلاء المشركين لم يأتهم نبى قبل هذا النبي يحمل كتابا من عند الله، يدعوهم به إلى دين الله.. وليس يرد على هذا ما كان من مقام إبراهيم وإسماعيل في هؤلاء القوم، وما كان لآبائهم الأولين من اتصال بهذين النبيين الكريمين، ومن الإيمان بهما، والأخذ عن شريعتهما، وذلك لأمرين:
أولهما: أن إبراهيم عليه السلام- لم يلقهم لقاء مباشرا، ولم يكن من شأنه معهم أن يبشر فيهم بشريعته، وإنما أقام البيت الحرام، مع إسماعيل، وترك لإسماعيل مهمة القيام على هذا البيت، ودعوة من يلمّون به، إلى الإيمان بالله،