وثانيا: بعد أن تم «نزول القرآن»، ولم تعد ثمة آيات أخرى يوحى بها، كان عمل الوحى، مع النبىّ صلوات الله وسلامه عليه، هو ترتيب القرآن على هذا الترتيب الذي أراده الله سبحانه وتعالى عليه، وهو ما نجده بين دفتى المصحف، كما تركه الرسول، بعد تلك العرضة أو العرضتين أو الثلاث، التي كانت بين جبريل وبين النبىّ.
وثالثا: لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم- هذه الدنيا، ويلحق بالرفيق الأعلى، حتى كان صحابة رسول الله، وحتى كان كتّاب الوحى، قد أخذوا الصورة الكاملة، فى تحديد دقيق، للقرآن الكريم، وعرفوا مكان كل آية من سورتها، ومبدأ كل سورة وختامها، وما بين بدئها وختامها..
ومن الموافقات العجيبة، التي نعدّها نفحة من نفحات القرآن الكريم، أننا نعرض لهذا البحث- من غير تدبير- فى سورة الأحزاب.. ففى سورة الأحزاب هذه مقولات تقال، وروايات تروى..
ففى مسند أحمد عن رزين بن حبيش، قال: قال لى أبىّ بن كعب كائن (أي كم) تقرأ سورة الأحزاب، أو كائن (أي كم) تعدّها؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية... فقال (أي أبىّ) : لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة.. ولقد قرأنا فيها: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فاجلدوهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» فرفع فيما رفع..!!
ولقد بنى على هذه الرواية أن قرآنا كثيرا نسخ تلاوة، وأن قرآنا آخر نسخ تلاوة ولم ينسخ حكما، كهذه التي يقال إنها كانت آية قرآنية: «الشيخ والشيخة».. وقد عرضنا لموضوع النسخ في أكثر من موضع.. فلا نعرض له هنا..