لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ»
العطف هنا في قوله تعالى: «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» - هو عطف على مضمون الآيتين السابقتين... فهذا المضمون هو قول الوجود كلّه، وهو قول المؤمنين من النّاس.. وكأن المعنى هو:
قال الوجود كله وقال المؤمنون من عباد الله: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ..» الآية وما بعدها..
هذا ما قاله الوجود، والمؤمنون.. وقد اقتضى هذا الإقرار من المؤمنين أن يؤمنوا بالآخرة وأن يعملوا لها.. أما غير المؤمنين، فلم يقولوا هذا القول، ولم يؤمنوا بالله ولا باليوم الآخر..
والصورة إذن هى: قال الذين آمنوا آمنا باليوم الآخر، وبأن الساعة آتية لا ريب فيها، «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ»..
وقد أمر الله سبحانه وتعالى النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- أن يردّ عليهم هذا الزعم الباطل، وأن يكذّب هذا الادعاء الفاسد، فقال تعالى:
«قُلْ.. بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ».. «وبلى» جواب لإثبات المستفهم عنه بالنفي، وإيجابه..
ففى قولهم: «لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ» نفى في طيه استفهام إنكارى، وكأنهم يقولون: «ألا تأتينا الساعة» مبالغة منهم في إنكارها، وفي تحدّى من يؤمن بها..
وقد جاء الردّ عليهم مثبتا لما نفوه، موكدّا له، قاطعا به: بهذا القسم باسم الربّ العظيم «وربّى» وبهذا التوكيد للفعل باللام والنون «لتأتينّكم»..


الصفحة التالية
Icon