ذلك أن المشركين لم يدعوا إلى الإيمان بالكتب السماوية، السابقة، فهذا دور يجىء بعد الإيمان بالكتاب الذي يدعون إلى التصديق به أولا، فإذا، صدّقوا به، آمنوا بكل ما يدعوهم إليه..
ومن جهة أخرى، فإن المشركين، كانوا على اعتقاد بأن أهل الكتاب على دين سماوى صحيح، ولكنه خاص بهم وحدهم، ولهذا كان المشركون يتمنون أن يكون لهم كتاب خاص بهم مثل أهل الكتاب.. كما يقول الله سبحانه محدّثا عما يجرى فى خواطرهم: «أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ» (١٥٦- ١٥٧: الأنعام) قوله تعالى: «وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ» - انتقال بهؤلاء الكافرين المكذبين بآيات الله- إلى موقف الحساب والمساءلة فى لحظة خاطفة، حيث يطلع عليهم هذا الذي كذبوا به، وما تزال كلمات التكذيب على أفواههم..
ولم يجىء جواب «لو» الشرطية، بل ترك مكانه شاغرا، لنملأه التصورات المفزعة لهذا اليوم العظيم، وما يقع للمكذبين فيه من بلاء..
والتقدير: إنه لو اطلع مطلع على حال هؤلاء الظالمين، وهم موقوفون عند ربهم موقف المساءلة والحساب، لهاله الأمر، ولولّى منهم رعبا وفزعا، لما غشيهم من الكرب، وأحاط بهم من البلاء..
- وقوله تعالى: «يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ» هو جملة حالية، تكشف عن حال من أحوال هؤلاء الظالمين الموقوفين عند ربهم..
ورجع القول: ترديده، مثل رجع الصّدى..
وعبّر بالفعل «يرجع» اللازم، بدلا من يرجع، المتعدى لمفعوله- ليتضمّن