الإيمان، لو أنهم رغبوا فى الإيمان.. لأن الإيمان معتقد يقوم فى القلب، قبل أن يكون عملا يظهر على الجوارح.. فلو اعتقد هؤلاء المستضعفون الإيمان فى قلوبهم، لما كانت هناك قوة فى الأرض تستطيع أن تنزعه منهم..
ومن قبل قال الشيطان لأتباعه: «وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي.. فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ» (٢٢: إبراهيم) وكذب هؤلاء المستكبرون، لأنهم كانوا دعوة من دعوات الضلال، وقوة من قوى الشرّ، تزين للناس الضلال وتغريهم به، وتعمل على جذبهم إليه، وضمهم إلى جبهته.. بما لهم من جاه وسلطان..
وفى قولهم: «بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ». إشارة إلى ما فى طبائع هؤلاء المستضعفين من فساد، وأنهم بطبيعتهم منجذبون إلى الضلال، منصرفون عن الهدى.. فلو أنهم تركوا وشأنهم ما استجابوا للإيمان، وما قبلوه، فلما لاحت لهم دعوة الضلال من الضالين- استجابوا لها بطبيعتهم، وانجذبوا نحوها، كما ينجذب الفراش إلى النار.
قوله تعالى:
«وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ».
لم يجد المستضعفون مقنعا فيما ردّ به سادتهم عليهم.. وحقّا إنهم لم يقسروهم قسرا على الكفر، ولكنهم أغروهم به إغراء، بما يملكون من وسائل الإغراء، وفى أيديهم المال، والجاه والسلطان، وكلها قوى ذات سلطان على الناس! - وقوله تعالى: «وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ».. أي وحين طلع