يراه رؤية شهود، فيعلم كل شىء علما كاشفا.. يعلم ما أنا عليه من قيامى برسالة ربى إليكم، ويعلم ما يكون منكم من قبول لهذه الرسالة، أو ردّها، وسيجزى كلّا بما عمل..
قوله تعالى:
«قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ».
والمراد بالقذف بالحق: رمى الباطل بالحق، حتى يصرعه.. فالقذف، هو الرمي الشديد، كما يقذف بالحجر أو نحوه، ليصيب مقتلا من عدوّ..
وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ.. فَإِذا هُوَ زاهِقٌ» (١٨: الأنبياء)..
وقوله تعالى: «عَلَّامُ الْغُيُوبِ» بدل من قوله تعالى: «يَقْذِفُ بِالْحَقِّ».. أي أنه سبحانه لا يقذف بالحق هكذا خبط عشواء، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.. إنه يقذف به عن علم، فيقع حيث يشاء، وحيث يصيب الباطل فى مقاتله..
قوله تعالى:
«قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ» هو تعقيب على الآية السابقة، التي قررت أن الله سبحانه وتعالى لا ينزّل إلا ما هو حقّ، ولا يرمى إلا بما هو حقّ..
وها هو ذا الحقّ قد جاء فى هذه الدعوة التي يحملها الرسول الكريم فى آيات الله المطهرة.. وإنها لحق قذف به هذا الباطل الذي يعيش فى مجتمع الجاهليين.. وليس بعد هذا القذف إلا أن يلقى الباطل مصرعه، وتختفى أشباح الضلال، وأشياعه..