الملوك، مما على هذه الأرض.. إنه ملك لا تجىء منه هذه الفتن التي، لا يملك دفعها الملوك، حتى الأنبياء..!
وأين هذا الملك الذي يكون على هذه الصفة؟..
إن سليمان لا يعرفه، ولهذا طلب إلى الله سبحانه أن يهبه إياه، وهو سبحانه لا يعجزه شىء، وهو سبحانه «وهاب» لا تقف هبانه عند حدود أو قيود! «إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ».
وسادسا: وجاء الملك الذي طلب سليمان!: «فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ»..
هذا هو ملك سليمان الجديد.. وهو ملك عجيب حقا.. إنه ليس جسدا. وليس فيه من عالم الجسد شىء.. ريح يمتطيها كما يمتطى الخيل. ،
وهى مطاياه التي أقامها الله سبحانه وتعالى له مقام الخيل بعد أن زهد فيها، وصرف نفسه عنها ابتغاء مرضاة الله.. فكان الجزاء الحسن من جنس العمل الحسن.. أضعافا مضاعفة.
ثم كان جنود من عالم الجن، يعملون له بدلا من عالم الإنس..!
وإذن فلا التفات إلى الخيل، وما يتصل بها.. ولا التفات إلى الناس، وإلى ما قد يقع عليهم من ظلم، فيما يقيم به دعائم الملك، من قلاع، وحصون، وقصور!..
فالريح تنقله إلى حيث يشاء، بلا خدم، ولا حشم، ولا حرس..
والجن.. «يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ.. مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ» !!