به إليهم.. فناسب أن يجىء ذكر إبراهيم- أبى الأنبياء- وموقفه هو من قومه، بعد أن كذبوه، وأنكروا عليه ما يدعوهم إليه من عبادة الله رب العالمين..
فإبراهيم عليه السلام، يتبرأ من دين أبيه وقومه، كما تبرءوا هم من الدّين الذي يدعوهم إليه.. «إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ»..
وقوله تعالى:
«إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ».
إلا هنا بمعنى لكن.. أي لكن الذي «فَطَرَنِي» أي خلقنى ابتداء، هو الذي سيهدين إلى الحقّ، ويقيمنى على طريق الهدى..
ويجوز أن تكون «إِلَّا» دالة على الاستثناء، وفى هذا إشارة إلى أن هذه الأصنام التي كانوا يعبدونها، لم تكن عندهم إلا أربابا مع الله..
فهم كانوا يعبدون هذه الأصنام لتقربهم إلى الله. ولهذا صحّ عندهم أن يدخل الله سبحانه وتعالى فى معبوداتهم التي يتبرأ إبراهيم من عبادتها. ثم يجىء الاستثناء منها لله، سبحانه، الذي هو المعبود الحقّ الذي يعبده إبراهيم، ويطلب الهداية منه..
قوله تعالى:
«جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».
الضمير فى جعلها يعود إلى مضمون قوله: «إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ».. فمضمون هذا القول هو الإيمان بالله وحده، والإقرار بتفرده سبحانه بالخلق والأمر.. لا شريك له.. ومضمون هذا المضمون، كلمة واحدة هى «التوحيد» فالكلمة التي جعلها إبراهيم ميراثا منه لذريته من بعده