تكذيبهم للرسول، واستهزائهم به، واستكثارهم عليه أن يكون مبعوث الله إليهم، دون سادتهم وأشرافهم.
وفى هذا التعقيب دعوة من الله سبحانه إلى النبي الكريم ألّا يحفل بهؤلاء المشركين، وألا يفتّ ذلك من عزمه، وألا يقف به ذلك عن المضىّ فى سبيله، مستمسكا بالذي أوحى إليه من ربه.. وفى هذا يقول له الله تعالى:
«وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا» (١٠: المزمل). ويقول له سبحانه: «وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا» (٤٨: الأحزاب).
وفى قوله تعالى: «إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» تحريض للنبىّ، وتثبيت لقلبه.. ليمضى فى طريقه، مع كتاب الله الذي بين يديه.. فإنه به على صراط مستقيم.. صراط الله الذي له ما فى السموات وما فى الأرض.. ومن كان على هذا الصراط فهو على طريق النجاة، والفلاح.. إنه على نور من ربه..
«وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ» (٤٠: النور).
قوله تعالى:
«وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ» هو تحريض كذلك، وشدّ لعزم النبىّ على الاستمساك بهذا الكتاب الذي بين يديه، فإن فيه ذكرا للنبىّ، ولقومه، وتمجيدا له ولهم على مرّ الأزمان.. إذ كان القرآن بلسان النبىّ ولسان قومه، وكان الرسول المبلغ لرسالة القرآن عربيا من هؤلاء العرب.. وإنه مادام للقرآن ذكر، ولرسالة القرآن ذاكرون- وهذا ما قدر الله له أن يكون إلى آخر الزمان- فإن ذكر الرسول باق، وذكر قومه باق كذلك.. فما آمن مؤمن بالله، ولا