ورصد حركاتها وسكناتها، وكشف عما يندس فى مساربها من خواطر وتصورات، وما يزدحم فى أعماقها من رؤى وخيالات..
وهذا وجه من وجوه الإعجاز القرآنى، يطالع من ينظر فيه متأملا، آيات بينات، تشهد بأن هذا القرآن هو من كلام رب العالمين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. تنزيل من حكيم حميد..
قوله تعالى:
«فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ».
إن فرعون إذ يجلس على كرسى عرشه، فزعا مضطربا، ليرى- بلمح الخاطر- يد موسى تكاد تمتد إليه وتنتزعه من هذا العرش، ثم يرى هذه اليد عطلا من كل حلىّ، على حين يرى يديه هو قد حليتا بأساور من ذهب، مما يدل على أنه الملك الجدير بالجلوس على هذا العرش- وهنا يجدها فرعون فرصة ليضع فى كفة ميزانه ثقلا جديدا تثقل به كفته، على حين تخف كفة موسى..
فيقول: «أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ».. ثم أنا خير من هذا الذي لم تحلّ يده بحلية من ذهب، شأن الملوك وأصحاب السلطان.. فلو أن هذا الإنسان كان رسولا من عند الله حقّا لما ضنّ عليه ربه بأن يلقى عليه أسورة من ذهب، كأمارة على أنه موفد من جهة عالية، ذات بأس، وذات سلطان! فإن لم يكن أهلا لأن ينال من ربه هذه المكرمة، أفلا جاء معه ملك أو ملائكة من السماء، يشهدون له أنه رسول من عند الله؟ فإذا لم يكن هذا أو ذاك، فبأى وجه يكون لموسى مقام بيننا ومكانة فينا؟.
واقتران الملائكة: هو اتصالهم ومرافقتهم لموسى.