فهو سبحانه، المتفرد بالألوهة فى السماء.. لا شريك له فيها.. وبهذا يدين له أهل السماء بالعبودية..
وهو سبحانه، المتفرد بالألوهة فى الأرض.. لا شريك له فيها.. وبهذا يدين له أهل الأرض بالولاء ويخصّونه بالعبادة.. وأنه إذا كان فى الناس من ضلّ وغوى، فانحرف عن هذا الوضع الذي يتخذه أهل السماء والأرض، فإنهم- مع هذا- مقهورون لله، واقعون تحت سلطانه.. طوعا أو كرها، كما يقول سبحانه: «إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً» (٩٣: مريم) وكما يقول جل شأنه، «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً» (١٥: الرعد).
وقوله تعالى: «وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» - إشارة إلى الصفتين الكريمتين اللتين يتجلّى الله سبحانه وتعالى بهما على ملكه فى السموات والأرض.. وهما:
الحكمة والعلم فكل ما خلق الله سبحانه، موزون بميزان الحكمة، مقدر بقدرها.. وكل ما فى السموات والأرض، واقع فى علم الله «لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ» (٣: سبأ) وهكذا كل أمر- صغر أو كبر- إنما ملاكه الحكمة والعلم.. فبالحكمة يقوم الأمر، وبالعلم تضبط مصادره وموارده، ولهذا كان مما طلب به «يوسف» القيام على تدبير خزائن الأرض- أنه حفيظ عليم، فقال للملك: «اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ.. إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» (٥٥: يوسف) والحفظ شعبة من شعب الحكمة!.
قوله تعالى:
«وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ».