معرض فمن فاته حظه من رحمة الله فى هذا المقام فهو الشقي المحروم من كل خير..
ولكن الذي نريد أن نقف بين يديه موقف النظر والاعتبار، هو هذا الإكثار من ذكر هذا الاسم الكريم فى تلك السورة..
وبادىء ذى بدء، فإن تكرار هذا الذكر للاسم الكريم «الرَّحْمنِ» هو تأكيد لتلك الدعوة التي يدعو إليها الرحمن عباده، ويبسط بها يده تبارك وتعالى إليهم بالرحمة، يلقاهم بها على كل طريق من طرق الغواية والضلال التي يركبونها.. فهذا الذكر نداءات متتابعة، إلى موارد هذه الرحمة الواسعة..
وهذا التكرار فى ذاته، هو رحمة من رحمة الله..
ثم إنه- من جهة أخرى- كانت السورة كلها معرضا لمواجهة المشركين بعبادتهم الملائكة، على أنهم أبناء الله، وأنهم كانوا يعرفون الله تعالى، ويعترفون بأنه خالق السموات والأرض- كما أنه كان من أكثر أسماء الله عندهم هو اسم «الرَّحْمنِ» ولهذا كان الحديث إليهم عن الله باسم (الرحمن) إشارة إلى أنه هو الإله لذى يدعون إلى عبادته، وأن اسمه «الرَّحْمنِ» وأنه ليس له ولد.. ولهذا أنكروا أن يكون الرحمن الذي يعرفونه، هو الرحمن الذي يدعوهم النبي إلى عبادته، كما يقول الله سبحانه: «وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ؟. أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا؟ وَزادَهُمْ نُفُوراً» (٦٠: الفرقان) إن الرحمن فى تصورهم هو أب لقبيلة كبيرة، هى الملائكة!!.
ومن جهة ثالثة، فإن موقف هذه السورة من المشركين، هو موقف ملاطفة، وموادعة، على مسيرة لدعوة التي كثرت فيها القوارع التي يقرع بها