يدهى «النمرود» أنه يحيى ويميت، وفى هذا يقول الله تعالى: «إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ» (٢٥٨: البقرة).
أما العالم العلوي، فإن دعوى خلق شىء من عوالمه، أكبر من أن يتسع لها ادعاء، على حين يمكن أن تدّعى الشركة، وأن ينسج لها ثوب ملفق من الوهم والخيال.. حيث لا يطالب الشريك بالتصريف فى شىء، منفردا عن شريكه..
قوله تعالى:
«وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ»..
هو تعقيب على هذا الموقف الذي وقف منه المشركون مع معبوداتهم، موقف امتحان وابتلاء.. وقد تكشف لهم من هذا الامتحان أن معبوداتهم تلك، لا تملك شيئا من هذا الوجود فى أرضه أو سمواته.. وإذن فما أضل من يعبدها، ويرجو العون منها.. إنها لا تستجيب لمن يدعوها، ولو امتد دعاؤه، وطال وقوفه بين يديها إلى يوم القيامة.. إنها لا تملك شيئا، ولن تملكه، حالا أو مستقبلا.. وطلب شىء ممن لا يملك شيئا، هو السفه الجهول، والضلال المبين..
وقوله تعالى: «وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ» جملة حالية، تكشف عن غفلة هذه المعبودات، عن دعاء من يدعونها.. إنها لا تسمع، ولو سمعت ما استجابت، لأنها فى قيد العجز المطلق، الذي لا تملك معه من أمر الله فى عباده شيئا.. وفى هذا يقول الله تعالى: «قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا» (٥٦: الإسراء) ويقول سبحانه: