هو رد على مقولة المشركين فى القرآن بأنه إفك قديم. أي أن هذا القرآن ليس إفكا قديما كما يدعون.. فلقد سبقه كتاب موسى، الذي هو إمام أي هدى يهتدى به الناس، ورحمة من الله إليهم.. وهذا القرآن هو مصدق لما فى كتاب موسى، لينذر هؤلاء المشركين الذين ظلموا أنفسهم بالإعراض عنه، ويبشر المحسنين، الذين أحسنوا إلى أنفسهم بهذا الخير الذي ساقوه إليها من هذا الكتاب..
وفى قوله تعالى: «لِساناً عَرَبِيًّا» مقابلة لقوله تعالى عن كتاب موسى «إِماماً وَرَحْمَةً».. أي أنه إذا كان كتاب موسى إماما ورحمة، فإن هذا للكتاب لسان عربى، ومن هذا اللسان العربي يتفجر ينابيع الهدى والرحمة..
وفى هذا تنويه باللسان العربي، من حيث هو لغة، فكيف إذا كان هذا اللسان يحمل آيات الله البينة، وكلمات الله المعجزة؟
قوله تعالى:
«إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ»..
هو بيان للمحسنين، ولما يحمل إليهم القرآن الكريم من بشريات..
وقد جاء هذا البيان على تلك الصورة التقديرية المؤكدة، إظهارا لمزيد الاعتناء بهم والتنويه بشأنهم، وبشأن الجزاء الكريم الذي أعده الله سبحانه وتعالى لهم.. فالمحسنون، هم الذين قالوا ربنا الله، أي آمنوا به، ثم استقاموا على شريعة الله، فامتثلوا أوامره، واجتنبوا نواهيه.. فهؤلاء هم المحسنون، وهم الذين لا خوف عليهم مما يخيف أهل الشرك والضلال يوم القيامة، وهم الذين لا يحزنون يوم تمتلىء قلوب أهل الشرك والضلال حزنا وكمدا على ما فرطوا