ومن هذه المواجهة للمشركين بأمر البعث، وتقريره على تلك الصورة القاطعة الملزمة- ينتقل المشركون المكذبون بالبعث فى سرعة خاطفة- لا إلى البعث، بل إلى ماوراء البعث، من حساب وجزاء، وإذا هم بين يدى جهنم التي كانوا يكذبون بها، ويكفرون بيومها-: «هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ»..
وقوله تعالى: «أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ».. هو سؤال تأنيب، وتقريع، وإيلام للمشركين المكذبين بيوم الدين، وبما أنذروا به من عذاب الله فى هذا اليوم..
والمشار إليه هنا، هو العذاب.. أي أليس هذا العذاب بالحق؟ إنكم لم تظلموا شيئا، فهذا جزاء ما عملتم..
وقوله تعالى: «قالُوا بَلى!» هو إقرار منهم، يدينون به أنفسهم، وبأن هذا العذاب الواقع بهم هو من صنع أنفسهم، وبما كسبت أيديهم! وقوله تعالى: «قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ» هو دفع بالمشركين إلى أودية جهنم، وإطعام لهم مما فيها من ألوان العذاب والنكال.. فليذوقوه حميما وغساقا، فليس لهم اليوم هنا هنا حميم، ولا طعام إلا من غسلين..
قوله تعالى:
«فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ.. بَلاغٌ.. فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ»..
وبهذه الآية الكريمة تختم السورة بهذا التوجيه الكريم من الله سبحانه لرسوله- صلوات الله وسلامه عليه- يدعوه فيه إلى أن يصبر على ما يلقى من