أما أن يكون هناك من الرسل من لا يتصف بهذه الصفة، فذلك ما صرح به القرآن فى قوله تعالى عن آدم عليه السلام: «وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» (١١٥: طه) وقوله تعالى عن يونس عليه السلام: «فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ» (٤٨: القلم)..
فالرسل- عليهم الصلاة والسلام- وإن كانوا أكمل الناس كمالا، وأكرمهم مقاما، هم- فى كمالهم ومقامهم الذي لا يساميه أحد من البشر- درجات، بعضها فوق بعض، كما يقول سبحانه: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ» (٢٥٣: البقرة)..
وإذا كان فى الرسل- عليهم السلام- الفاضل والمفضول، فإن هذا- كما قلنا- لا ينقص من قدر المفضول، إذ كان- وهو فى مقامه هذا- على هامة الكمال المتاح للبشر، من غير رسل الله..
وثانيا: فى دعوة الرسول إلى أن يتشبه فى الصبر بمن سبقه من أولى العزم من الرسل- فى هذا ما يفهم منه أن غاية الرسول من الصبر هو أن يكون كأحد هؤلاء الرسل الكرام- والسؤال هنا: كيف يكون الرسول صلوات الله وسلامه عليه فى مقام من يطلب الأسوة للحاق بغيره من أولى العزم، وهو خاتم النبيين، وإمام المرسلين؟.
والجواب على هذا من وجهين:
أولا: أن الأمر بالصبر هنا يحمل تهديدا للمشركين، وأن على النبي ألا يستعجل لهم العذاب، الذي هو قريب منهم.. فالمراد بالصبر ليس صبر المعاناة والاحتمال وحسب، وإنما المراد به أوّلا، هو صبر الانتظار، والإمهال،


الصفحة التالية
Icon