والتسبيح بالليل يعنى أن الليل ليس كله وقتا ميّتا، بل فيه أوقات حية عند المؤمنين بالله، يحيونها بذكر الله والتسبيح بحمده، حيث تخلو النفس من شواغل الحياة، ويفرغ القلب من الواردات التي ترد عليه منها فى النهار.. ففى هذه الأوقات من الليل يطيب الذكر، وتصفو موارد الذاكرين.. ومثل الليل فى هذا الأثر الذي يحدثه فى النفس من الصفاء والصحو الروحي- ما يكون من المصلّى أثناء السجود، حيث يضع المصلى وجهه على الأرض، فلا يرى من هذا الوجود شيئا يحجبه عن الله، أو يشغله عن النظر إليه.. وهذا ما يشير إليه النبي صلوات الله وسلامه عليه فى قوله: «أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد»..
قوله تعالى:
«وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ»..
الخطاب للنبى صلوات الله وسلامه عليه، ومن ورائه المؤمنون.. وهو معطوف على قوله تعالى: «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ..» وما بعده..
والمراد بالاستماع هنا، إما أن يكون الانتظار، كما يقول سبحانه:
«فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ» (٤٧: القمر) وكما يقول جل شأنه: «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ» (١٠: الدخان) وقوله جل شأنه: «وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ» (١٨: غافر)..
وعلى هذا يكون الفعل مسلطا على ما بعده، وهو «يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ» الذي وقع مفعولا لهذا الفعل..
وفى التعبير عن الانتظار والترقب بالاستماع- إشارة إلى ما يجىء وراء