وسمّى ما يقدم للمطلقة من نفقة على الرضيع أجرا، إشارة إلى أن الأب هو المتكفل بالإنفاق على الولد دون الأم، وأن الأم- مع وجود الأب- تعتبر كالأجنبية فى حال طلاقها، ومن هنا كان استحقاقها للأجر، لأنه فى مقابل عمل للأب، تستوفى عليه الأجر منه..
والائتمار بالمعروف، هومداولة الأمر بين الرجل ومطلقته، بالمعروف، واللطف، وذلك للاتفاق على ما فيه مصلحة الرضيع.. فليذكر كل منهما أن الأمر الذي يتداولانه بينهما، هو خاص بولدهما معا، وأن من مصلحة الوليد أن تجتمع عليه عواطف الأبوة والأمومة معا، وألا يكون انفصال الأبوين سببا فى حرمانه من هذه العاطفة، من أحدهما، أو كليهما..
إذ لا ذنب له فيما حدث بينهما من خلاف أدى إلى هذه الفرقة.. فليذكر الأبوان هذا، وليذكرا أيضا أنهما إذا فاتهما أن يعملا بقوله تعالى: «أو تسريح بإحسان» أو قوله سبحانه: «ولا تنسوا الفضل بينكم» - فلا يفوتهما أن يستقيما على حدود قوله سبحانه: «وأتمروا بينكم بمعروف» وأنه إذا كان قد وقع من أحدهما أو كليهما خروج على حدود الله فى الفرقة التي وقعت بينهما، فإنه ينبغى ألا يضاعف هذا العدوان بعدوان آخر على حدود الله، بظلم هذا الوليد، الوافد من عند الله، ضيفا عليهما..
وقوله تعالى: «وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى» أي أنه إذا لم يقع بين الرجل ومطلقته اتفاق على أن تقوم الأم بإرضاع الولد، سواء أكان ذلك التعاسر والتشاد من جهة الأب، أو من جهه الأم، فإن الوليد يجب أن يكفل له حقه، وأن تحفظ عليه حياته، وذلك بأن يجد له الأب مرضعا أخرى غير أمه.. فإن لم يكن ذلك ميسورا، أو لم يقبل الطفل ثديا غير ثدى أمه، ألزمت الأم بإرضاع طفلها، وألزم الأب بأداء النفقة، أو الأجر، المناسب للأم..