وهى الرحمة، التي هى اللطف الساري فى هذا الوجود، والنور الهادي لكل موجود..
وقد سميت السورة سورة «الرحمن».. فهى بهذا محلّى من مجالى رحمة الله، وكل آية من آياتها رحمة راحمة، ونعمة سابغة، حتى تلك الآيات التي تحمل العذاب إلى الكافرين والضالين.. فإنهم- مع هذا العذاب الذي هم فيه- واقعون تحت رحمة الله، ولولا هذه الرحمة لتضاعف لهم هذا العذاب أضعافا كثيرة، لا تنتهى..
وإن هذا العذاب الذي هم فيه، هو رحمة واسعة بالإضافة إلى ما فى قدرة الله من عذاب، يتعذب به هذا العذاب نفسه!! وقوله تعالى:
«عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ»..
هو أول تجليات رحمة الرحمن، وأعظمها شأنا، فيما يتصل بالإنسان..
ولهذا قدّم تعليم القرآن، أي القراءة، على خلق الإنسان ذاته، الذي هو موضع هذه الرحمة، ومتلّقى غيوثها..
فالقرآن- كما أشرنا من قبل- معناه هنا القراءة والدرس، والتعلم.. ومن أجل هذه القراءة، وهذا الدرس والتعلم خلق الإنسان، ليعرف الله، ويتعبد له، كما يقول سبحانه: «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ».. (٥٦: الذاريات)