وإلّا لأحدث فيه شيئا يدلّ على أنه حى يعيش فى عالم الأحياء..
إن من شأن الكائن الحىّ أن يتحرك، ويعمل، ويؤثّر، وأن يبلى قديما ويلبس جديدا، وأن يأخذ كل يوم وضعا جديدا فى الحياة.. فهذا الذي يشهد بأنه حىّ، له وجود مؤثر فى الحياة..
والله سبحانه حى حياة أبدية سرمدية، بدليل هذا التحول المستمر فى عوالم الوجود، القائم عليه بسلطانه، خلقا وتدبيرا..
وفى معنى قوله تعالى: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فيما بروى عن أبى ذرّ: «إن من شأنه- سبحانه- أن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويضع آخرين وليس هذا التبدل والتحول فى أحوال الناس، وفى صور الموجودات، هو مما يحدثه الله سبحانه حين يحدث، وإنما هى أمور واقعة فى علم الله القديم، مسطورة فى كتابه المكنون، فيظهر منها ما يظهر فى الوقت المقدور له، وعلى الصورة التي أرادها سبحانه وتعالى أزلا.. إنها أمور يبديها ولا يبتديها..
قوله تعالى:
«سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ»..
الثقلان: الإنس والجن، وسميا بالثقلين، لأنهما ثقلا الأرض، كلّ يأخذ جانبا من كفتى ميزانها.. الإنس فى كفة والجن فى كفة.. عالم الظهور فى جانب، وعالم الخفاء فى جانب.. ومثل هذا «الملوان» وهما الليل والنهار، لأنهما يملآن الزمان كله، ويستوعبان كل آناته، ولحظاته.