أي فإذا كان هذا اليوم الذي تنشق فيه السماء، وهو يوم القيامة، كما يقول سبحانه: «وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً» (١٩، ٢٠: النبأ) - إذا كان هذا اليوم، انقطعت الأعمال، وطويت الصحف على ما كان لأصحابها من عمل فى هذه الدنيا، فلا يحاسب مخلوق من الجن أو الإنس على ما يكون منه فى اليوم الآخر من قول أو فعل.. لقد انتهى زمن الامتحان والابتلاء.. فما يقوله أو يعمله المرء فى موقف الحساب لا يحسب له، أو عليه، حتى الذين يقع منهم فى هذا الموقف، مما يكون موضع ذم وعقاب فى الدنيا- كما يتلاعن المتلاعنون من أهل الضلال فى هذا اليوم- هو مما لا ينظر إليه فى الآخرة..
وفى الآية، إشارة إلى أن الجن يبعثون، ويحاسبون، كما يبعث الناس ويحاسبون..
واختصاص جانب الذنوب بالذكر هنا، دون جانب الإحسان- إذ كانت الذنوب فى هذا اليوم مما يتحاشاه أهل الموقف، ويفرون منه..
إنهم يطلبون السلامة، ويعضون أصابع الندم على ما فرط منهم فى الدنيا، فكيف يطوف بأحدهم طائف يدعوه إلى أن يرتكب ذنبا فى هذا المقام؟
ولكنه لو فرض- مع هذا- أن يقع من مذنب ذنب- وهو محال- فلن يحاسب عليه.. فقد طويت صحف الأعمال على ما كان فى عالم الامتحان والابتلاء..
هذا، ويجوز أن يكون معنى قوله تعالى: «فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ» - يجوز- والله أعلم- أن يكون أنه لا يسأل المذنبون عن ذنوبهم فى هذا اليوم سؤال مراجعة وعتاب، إذ لا نفع لهم من وراء هذه المراجعة، وهذا العتاب، حيث لا سبيل لهم إلى إصلاح