قوله تعالى:
«هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ»..
الإشارة إلى جهنم هنا، هى استحضار لها فى هذه الدنيا بين يدى المكذبين بها، وبالحساب وبالجزاء، حيث يشهدون أنفسهم وهم يطوفون بينها وبين حميمها..
والحميم الآن: ما ينبعث من النار من سموم، يشوى الوجوه.. فأهل النار إذا تحركوا فى جهنم، كانت حركتهم فيها على بحار من الحميم، وهو القيح والصديد الذي يسيل منهم، كما يسيل الماء من القدور أثناء غليانها..
وقوله تعالى: «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» - إشارة إلى هذه النعم التي يحدّث عنها هذا العذاب، الذي من شأنه أن يبعث فى النفوس الخشية من الله، والخوف من الوقوع فى هذا العذاب، فيستعدّ أصحاب العقول للقاء هذا اليوم، بالعمل الصالح الذي ينجيهم من الوقوع فى هذا البلاء.. على خلاف ما لو طلع هذا العذاب على الناس من غير أن ينذروا به، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى لبيان الحكمة من إرسال الرسل، وما يحملون إلى أقوامهم من النذر، إذ يقول سبحانه: «أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ»
(٥٦- ٥٩ الزمر) وما يشير إليه قوله تعالى: «وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً» (٥٩: الإسراء)..