قوله تعالى:
«كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ»..
هو وصف لهؤلاء الحور، بالنقاء والصفاء، بعد وصفهن بالعفة والحياء..
والياقوت والمرجان، حجران كريمان، صافيان صفاء البلور، ولكنهما مع هذا الصفاء مشربان بحمرة، ليست فى البلور، ولهذا كان تشبيه الحور بهن أبلغ وأصدق، لما يجرى فى بشرتهن من دم الشباب، الذي يشرق منه هذا الشعاع الشفقى على وجوههن! هذا ويلاحظ أن الجنتين اللتين وعدهما الله الذين يخافون مقام ربهم، قد عرضتا فى هذا العرض المفصل، الذي يحدّث فى كل مقطع من مقاطعه عن نعم الله وآلائه، التي يحملها هذا المقطع، والتي تدعو الثقلين- الإنس والجن- إلى الوقوف بين يديها، وإنعام النظر فيها، ثم تحديد موقفهم منها.. وهل يشكرون أم يكفرون؟..
وفى هذا التفصيل، إشارة إلى أن أىّ نعمة من نعم الله، وإن بدت فى العين صغيرة، لا يكاد يلتفت إليها الناس، ولا يقدرونها قدرها- هى فى حقيقتها نعمة جليلة، تضم فى كيانها نعما جليلة أيضا.. وهذا هو بعض السرّ فى هذا التعقيب عقب كلّ نعمة بقوله تعالى: «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ»..
قوله تعالى:
«هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ»..
أي أن هذا النعيم الذي يفاض من الله سبحانه وتعالى على المؤمنين فى الجنة- هو جزاء إحسانهم فى الدنيا، وخوفهم مقام ربهم، كما يقول سبحانه عنهم:


الصفحة التالية
Icon