قوله تعالى:
«يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟. قالُوا بَلى! وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ».
أي أن المنافقين والمنافقات، وقد وجدوا المؤمنين والمؤمنات، أخذوا طريقهم إلى الجنة، ولم يستجيبوا لندائهم أن: «انظرونا نقتبس من نوركم» - حين رأوا ذلك عجبوا لهم، وجعلوا يسائلونهم: «ألم نكن معكم؟»..
أي: ألم نكن نحسب من المؤمنين، بينكم؟ ألم تعاملونا معاملة أهل الإيمان؟
فلماذا تتبرءون منا الآن، وتأخذون طريقا وحدكم، لا حساب لنا فيه معكم؟
ويأتيهم الجواب من المؤمنين: «بلى!!» أي لقد كنتم حقّا معنا، ولكن بألسنتكم- أيها المنافقون والمنافقات، لا بقلوبكم- كان إيمانكم، وبهذا دخلتم مدخل المؤمنين فى الدنيا، بهذه الثياب الزائفة من النفاق، التي اتخذتموها زيّا لكم، لتدخلوا به فى زمرة المؤمنين.. أما قلوبكم فهى على ما هى عليه من ضلال، وشرك، وكفر.. وأنتم هنا فى هذا الموقف- موقف القيامة- إنما تحاسبون على ما فى قلوبكم، وقد كشف الله سبحانه وتعالى ما بها من نفاق!! لقد كنتم معنا، وكنتم فى حساب المؤمنين، لأننا لا نعلم ما فى قلوبكم من نفاق وخداع.. ولكنكم كنتم فى حقيقة الأمر، على غير سبيل المؤمنين.. فلقد «فتنتم أنفسكم»، وأوردتموها موارد الضلال، «وتربصتم» أي كنتم تتربصون بالمؤمنين، وتنتظرون ما يحلّ بهم من هزيمة وخذلان، فتنفضون أيديكم منهم، وتجدون لكم طريقا إلى عدوهم..
«وارتبتم» أي كنتم فى ريبة وشك من دين الله، فلم تؤمنوا به عن صدق ويقين، «وغرتكم الأمانى» أي وظللتم فى خداع أنفسكم بتلك الأمانى


الصفحة التالية
Icon