أن نفاقهم سينكشف يوم القيامة، وأنهم سيحشرون مع الكافرين- إذ يلقاهم هذا التهديد، فإنه إنما يوقظهم من غفلتهم تلك عن أنفسهم، وعن خداعهم لها، وأنه قد آن لهم أن يكونوا فى المؤمنين ظاهرا وباطنا، وإلّا فقد عرفوا أين يكون مكانهم يوم القيامة، إذا هم ظلوا قائمين فى هذا الموقف الذي هم فيه، وأنه ليس لهم مأوى إلا النار..
فقوله تعالى: «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ؟»..
هو دعوة مجدّدة إلى أولئك المؤمنين الذين فى قلوبهم مرض، من المنافقين وأشباه المنافقين، الذين يعيشون بين المؤمنين، ويحسبون فى جماعتهم، ويشهدون مشاهدهم فى الحرب والسلم، كعبد الله بن أبىّ بن سلول، وغيره من الذين لم تطمئن بالإيمان قلوبهم، ولم تخشع لذكر الله وما نزل من آياته..
«أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ؟»..
أي: ألم يحن الوقت الذي تخشع فيه لذكر الله، ولما نزل من الحق- قلوب هؤلاء المؤمنين الشاكّين المترددين؟ وماذا ينتظرون بعد هذا وقد عاشوا فى الإسلام وقتا كافيا، اطّلعوا فيه على سيرة الرسول فيهم، واستمعوا إلى آيات الله التي يتلوها عليهم؟.
وفى تسميتهم مؤمنين، إغراء لهم بتصحيح إيمانهم، وبإخلاء قلوبهم من النفاق، وإخلاص نياتهم لهذا الدين الذي لبسوه ظاهرا، بأن يلبسوه باطنا..
إنه أسلوب من التربية الحكيمة العالية، التي ليس من همّها قتل المرضى، بل همّها الأول هو الطّبّ لدائهم، وتقديم الدواء الناجع لعللهم..