الذين يحسبون أو يحسبهم الناس أنهم أشقياء فى الدنيا، هو نعيم، بالنسبة لعذاب الآخرة وأهوالها..
فكل ما فى هذه الحياة الدنيا، من نعيم أو شقاء، هو بالنسبة لنعيم الآخرة وشقائها، لعب ولهو.. وإذ كان ذلك هو كل ما فى الدنيا، فإن من شأن الراشدين العقلاء ألّا يقفوا طويلا عند هذا اللهو واللعب، بل إن عليهم أن يتجاوزوا هذا إلى ما وراء هذه الحياة، وأن يجعلوا من الدنيا معبرا إلى الحياة الآخرة، وأن يكون حظهم من دنياهم هو التزود ليوم القيامة، بالأعمال الطيبة بعد الإيمان بالله واليوم الآخر وملائكته، وكتبه، ورسله..
وقوله تعالى: «وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ»..
هو معطوف على قوله تعالى: «لَعِبٌ وَلَهْوٌ» : أي أن الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بين الناس وتكاثر فى الأموال والأولاد..
وفى قوله تعالى: «زِينَةٌ» إشارة إلى أن الحياة الدنيا، وإن كانت العب واللهو، فإنها كذلك معرض من معارض الزينة، حيث يجد فيها الإنسان ما يتحلّى به ظاهرا وباطنا.. فيتحلى ظاهرا بالثياب الجميلة النظيفة، التي تبدو فيها صورته جميلة مقبولة، ويتحلى باطنا، بحلية الإيمان بالله، وبما يدعو إليه هذا الإيمان من مكارم الأخلاق.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ» (٢٦: الأعراف) فهذه هى الزينة التي تحمّل الإنسان ظاهرا وباطنا..
زينة الجسد، وزينة القلب والروح..
وفى قوله تعالى: «وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ» - إشارة إلى ما يجرى بين الناس من تنافس فى الاستكثار من متاع الحياة الدنيا،