كان ذلك بيانا للاتجاه الصحيح الذي ينبغى أن يتجه إليه الناس، ويتنافسوا فى طلب المزيد منه، وهو العمل للدار الآخرة، وابتغاء مرضاة الله، والفوز بمغفرته، وبما أعد من نعيم فى جنات عرضها السموات والأرض، للذين يؤمنون بالله ورسله..
فقوله تعالى: «سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ» هو فى مقابل قوله سبحانه:
«اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ..»
فمن كان يطلب التفاخر والتكاثر، فليكن ذلك فى مجال الاتجاه إلى الله سبحانه، وابتغاء مغفرته ورضوانه بالعمل الصالح الطيب، الذي يقوم فى ظل الإيمان بالله واتقاء محارمه، ففى هذا المجال يحمد التنافس والتسابق، وفى هذا الميدان يطيب الجمع، والاستكثار، حيث يدّخر ليوم عظيم «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً» (٣٠: آل عمران)..
يقول السيد المسيح عليه السلام فى بعض عظاته:
«لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض، حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون، بل اكنزوا لكم كنوزا فى السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون، لأنه حيث يكون كنزك هناك، يكون قلبك أيضا»..
وفى وصف الجنة بأنها عرض السموات والأرض، إشارة إلى سعتها التي لا حدود لها، والتي لا يزاحم فيها أحد أحدا، حيث يتبوأ أهلها حيث