«إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ» - كلام معترض، خاص بمقولة إبراهيم لأبيه، والتي لم يشاركه فيها الذين آمنوا معه..
قوله تعالى:
«رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»..
هو من مقول قول إبراهيم والذين معه.. وهو دعاء يتجهون به إلى الله سبحانه وتعالى ألا يجعلهم فتنة للذين كفروا بمعنى ألا يغرى بهم الذين كفروا، فتشتد عداوتهم لله، وتغلظ فتنتهم، وضلالهم، بسبب العناد الذي يحملهم على ألا ينظروا إلى ما فى أيدى المؤمنين من هدى وإيمان..
وبهذا يشتد غضب الله عليهم، وتنزل نقمته بهم، وكأنّ المؤمنين بهذا هم الذين ساقوهم إلى هذا الكفر الغليظ، وهذا من شأنه أن يدخل فى شعور المؤمنين بأنهم بإيمانهم قد حملوا الكافرين على أخذ طريق غير طريق المؤمنين.. وفى هذا يقول الله تعالى على لسان قوم نوح: «أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ» (١١١: الشعراء) ويقول سبحانه على لسانهم أيضا:
«فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ» (٢٧: هود).. ويقول سبحانه على لسان المشركين الذين كذبوا رسول الله: «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ» (١١: الأحقاف).
واليهود، كانوا قبل مبعث النبي- صلوات الله وسلامه عليه- ينتظرون بعثته، فلما سبقهم الأنصار إلى الإيمان به، حملهم الحسد على أن يكذّبوا برسول الله، بل ويكيدوا له، ويؤلبوا المشركين على حربه..