والمقسط: العادل، الذي يقيم ميزان العدل.. والقاسط: الظالم، الجائر.. يقال:
أقسط، أي عدل، وقسط: أي جار وظلم..
والآية الكريمة تدعو إلى هذا المبدأ العام الذي قامت عليه الشريعة السمحاء، من الإخاء الإنسانى، القائم على العدل والإحسان.. وأن هذه القطيعة التي فرضها الإسلام على المسلمين فيما بينهم وبين أهلهم من المشركين- إنما هى قطيعة لقوم قطعوا أرحام قومهم، وقاتلوهم، وأخرجوهم من ديارهم.. إنهم فى حال حرب، معهم لم تنته بعد، وأن المشركين ما زالوا ينتظرون الفرصة التي تمكنهم من المؤمنين.. وفى موالاة المؤمنين لهم توهين للمؤمنين، وتمكين للمشركين من مقاتلهم..
فإذا لم يكن من قوم عداوة بادية للمؤمنين، أو قتال لهم، أو مساندة لمن قاتلهم- فإن موقف المؤمنين من هؤلاء القوم، ينبغى أن يقوم على السماحة، وعلى العدل والإحسان.. «لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»..
وفى قوله تعالى: «وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» تضمين للفعل معنى الإحسان، بمعنى وتحسنوا إليهم، بالعدل الذي تقيمون ميزانه بينكم وبينهم.. هذا، ويرى كثير من المفسرين أن هذه الآية منسوخة بآية السيف.. وإنه لا معتبر لهذا الرأى الذي يعمّى ويشوش على سماحة هذه الشريعة، وإنسانيتها.. وممّن سفّه هذا الرأى الإمام الطبري فى تفسيره، فرضى الله عنه.
قوله تعالى:
«إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»


الصفحة التالية
Icon