وقوله تعالى: «فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ» أي فلما انحرفوا، ومالوا عن طريق الحق، أمال الله قلوبهم نحو هذا الضلال، وأغرقهم فيه، لأنهم فسقوا «وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ» الذين يلبسون ثوب الحق ثم ينزعونه عنهم، ويخرجون منه.. فقد هداهم الله إلى الحق، ثم خرجوا من هذا الهدى، وآثروا الظلام والضلال.. فهم بهذا يخالفون الله عن عمد، وعن علم.. ومن كان هذا شأنه، فهو على عداوة متحدية لله، والله لا يهدى من يعاديه..
وفى ذكر كلمة القوم فى قوله تعالى: «وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ» بدلا من أن يقال «والله لا يهدى الفاسقين» - فى هذا إشارة إلى أن المراد بهذا، هم قوم مخصوصون، وهم هؤلاء القوم، أي اليهود..
قوله تعالى:
«وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ.. فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ»..
نسب السيد المسيح إلى أمه، لأنه هو النسب الذي له فى الناس، إذ لا أب له من بنى الإنسان، وإنما هو نفحة من روح الله..
ونادى المسيح بنى إسرائيل بقوله «يا بَنِي إِسْرائِيلَ» ولم يقل يا قوم كما هو حديث الأنبياء إلى أقوامهم، لأنه- وإن ولد فيهم- ليس ابنا لرجل منهم..
واليهود لا ينسبون أحدا إليهم إلا إذا كان مولودا من أبوين يهوديين، أو من أب يهودى على الأقل..
ومع أن اليهود، كانوا ينسبون السيد المسيح- عليه السلام- نسبة غير شرعية- إلى يهودىّ منهم، هو يوسف النجار، وإنه بهذا لا مانع عندهم من أن ينسب