(وثانيا) صلبه.. ووقوعه بهذا الصلب تحت حكم الناموس الذي يقضى بلعن كل من علق على خشبة! كما تقول التوراة.
(وثالثا) ألوهيته.. وخروجه بهذه الألوهية عن وجوده البشرى الذي رآه الناس عليه والقضاء على شخصيته، وإفنائها..
فهذه ثلاث شبه، أوتهم، تحوم حول شخص المسيح، وتفسد الرأى فيه، وتجعل منه شخصية أسطورية أكثر منها شخصية حقيقية..
والقرآن الكريم، هو وحده الذي تولّى «الدفاع» عن المسيح، وكشف الشّبه عن شخصه الكريم، ووضعه بالمقام المحمود الجدير به كإنسان، يأخذ مكان الذورة بين الناس!..
يقول الله تعالى «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ» :(١٧١: النساء) وبقول سبحانه: «إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ، وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ» (٥٩ الزخرف).. ويقول جل شأنه:
«مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ.. كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ» (٧٥: المائدة).
إن الأخذ بما يقول القرآن فى المسيح، هو الذي يرفع هذه الشبه، التي كانت ولا تزال داعية لسوء القالة فيه عند أعدائه اليهود، أو باعثة للاضطراب، والقلق النفسي، والروحي، والعقلي، عند أتباعه، إذ يرونه إنسانا فى شخص، إله، أو إلها فى جسد إنسان!.
كان المسيح قد تنبأ لهذا الخلاف، الذي يكون فى شأنه، ولهذه المقولات المنحرفة التي قيلت، أو تقال فيه.. وقد أشفق على نفسه منها، إذ كان بعضها يطعنه فى شرف مولده، وفى طهارة أمه وعفافها، على حين كان بعضها الآخر يسلحه من بشريته، ويخرجه من إنسانيته إلى صورة مختلطة، تجمع الإله والإنسان فى ذات واحدة، وفى جسد واحد..


الصفحة التالية
Icon