إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ»
.. وفى هذا يقول السيد المسيح: «بل يتكلم بما يكون قد سمع، ويخبركم».
لقد كان «محمد» بما تلقّى من كلمات الله، هو المحامى الذي ردّ للمسيح ولأمه اعتبارهما، وهو الذي مجدهما ورفع قدرهما فى العالمين، وكان فى ذلك العزاء الجميل لهما، والمواساة الكريمة، لما أصابهما من بلاء عظيم.!
وننظر فى كلمات المسيح مرة أخرى..
ونقف من كلمات السيد المسيح عند هذه الكلمات:
١- «إن فى انطلاقى لخيرا لكم».. فهذا الخير هو ما ينكشف لهم من أمر المسيح على لسان «المحامى» الذي يتولى الدفاع عن قضيته، وبعرضه لهم فى المعرض الذي يجلّى حقيقته، ويكشف عن شخصه الكريم.
٢- «فإنى أرسله إليكم».. وهذه المقولة توحى بأن المسيح هو الذي يرسل هذا المحامى، أو بمعنى آخر، هو الذي يملك إرسال الرسل، أو بمعنى ثالث، هو الإله المتصرف فى هذا الوجود.
وهى مقولة إن حملت على ظاهرها هذا، كانت إقرارا من الله- الذي هو المسيح- بالعجز عن الدفاع عن نفسه، فيقيم محاميا يتولّى الدفاع عنه!! وعلى هذا، فإن هذه المقولة إما أن تكون قد حرّفت ليستقيم عليها الفهم الذي وقع لأتباع المسيح من أنه هو الله! وإما أن تحمل على غير ظاهرها، ويكون قول المسيح: «إنى أرسله إليكم» محمولا على المجاز السببى، إذ لمّا كان وجود المسيح مانعا من وجود المحامى الذي يتولى الدفاع فى قضيته، إذ القضية لا تتشكل بصورتها الكاملة إلا بعد أن يذهب المسيح، وتكثر المقولات فيه- فإن ذهاب المسيح هو الذي يهيىء للمحامى سبيلا إلى الظهور.. وبهذا يمكن