نبيهم هود، عليه السلام: «وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً» (٦٩: الأعراف) ويقول سبحانه: «وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ» (١٣٠: الشعراء).
وكما كشفت سورة «الحاقة» عن هذا الهول الذي حلّ بالمكذبين بالقارعة، والذي تتمثل فيه بعض مشاهد القيامة- كشفت سورة «القارعة» عن أحداث القارعة نفسها، وهى القيامة، كما يقول سبحانه: «الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ» وهكذا تلتقى السورتان: «الحاقة» و «القارعة» فى تصوير أحداث هذا اليوم العظيم، يوم القيامة، الذي يكذب به المشركون، ويلحّون في التساؤل عنه، وعن اليوم الذي يقع فيه، تحديا لما ينذرهم به الرسول من أهواله، وإمعانا فى تكذيبه، حيث يلقاهم العذاب فى الدنيا والآخرة جميعا.
قوله تعالى:
«وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً».
هو معطوف على قوله تعالى: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ».
والمؤتفكات: هى قرى قوم لوط، التي ائتفكها الله، أي قلبها على أهلها، وجعل عاليها سافلها.. وقد جاء فى آية أخرى أنها مؤتفكة، وذلك فى قوله تعالى: «وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى» (٥٣: النجم).. كذلك ورد فى أكثر من موضع من القرآن أنها قرية. كما فى قوله تعالى: «إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ» (٣١: العنكبوت).. فما تأويل هذا؟
تأويل هذا- والله أعلم- أن هذه القرية كانت رأس القرى التي حولها، فهى أشبه بالأمّ لها.. ومن هنا كان الحديث عنها، وعن أهلها، لأنهم هم


الصفحة التالية
Icon