قوله تعالى:
«ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ».
هو من هذيان هذا الشقىّ، الذي أحاطت به خطيئته.. إنه طلب الموت فما وجده.. وطلب ماله ليفتدى به نفسه من هذا العذاب، فما رآه.. واستنجد بكل ما كان له من قوة، وجاء، وسلطان، فلم يسعفه شىء.. «هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ»..!
وفى التعبير بقوله: «هلك» بدلا من ذهب.. إشارة إلى أن هذا السلطان لن يلقاه أبدا، ولن يعود إليه بحال.. لقد هلك، وما كان لهالك أن يتعلق به أمل..
قوله تعالى:
«خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ».
إنه بعد أن ترك هذا الشقىّ الأثيم، يهذى ويعوى، ويلهث، باحثا فى كل وجه، متطلعا إلى كل أفق، يطلب وجها للخلاص من هذا البلاء- إنه بعد أن ترك هكذا حتى تقطعت أنفاسه، وسقط إعياء- لم يترك لشأنه هذا، وما هو فيه من بلاء، بل قرع أذنه هذا الصوت الآمر، بأخذه، ووضع القيد فى عنقه، ثم سحبه إلى جهنم، وربطه هناك فى سلسلة طولها سبعون ذراعا!! وهل بقي مع هذا الشقىّ قوة، حتى يخشى من أن يفرّ من هذا المصير المساق إليه؟ إنه لا يقوى على الحركة، فكيف يفرّ؟ وإن فرّ، فإلى أين؟


الصفحة التالية
Icon