قوله تعالى:
«يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ».
هو بيان للأحداث التي تقع يوم القيامة، يوم العذاب الذي ينتظر أهل الشرك الضلال.
ففى هذا اليوم، تكون السماء «كالمهل» وهو خثارة الزيت، بعد غليانه، وتكون الجبال «كالعهن» وهو الصوف المصبوغ بلون الحمرة، بعد أن ينفش وتنحلّ أجزاء بعضه عن بعض..
وفى تشبيه السماء بالمهل، والجبال بالعهن، وما يغلب على التشبيهين من لون الحمرة- فى هذا إشارة إلى تغير طبيعة لون الجوّ، فى مرأى العين، وذلك حين يكون موقع النظر من خارج الغلاف الجوى للأرض، حيث تبدو السماء، والأرض، مكسوّنين بلون أشبه بلون الأفق الداكن بعد الغروب، أو قبل الشروق..
هذا، وقد عرضنا للحديث فى أكثر من موضع عن هذه التغيرات التي تحدث يوم القيامة، فى العالم الأرضى، وما يتصل به من عوالم السماء، وقلنا إن هذه التغيرات إنما هى واقعة بالنسبة لإحساس الإنسان يومئذ بها، نتيجة لتغيّر موقفه من الأرض، وتغير طبيعته بعد البعث.. أما عوالم الوجود فى الأرض وفى السماء، فإنها تجرى على ما أقامها الله سبحانه وتعالى عليه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ» (٤٨: إبراهيم).
فهذا التبدّل هو تبدّل فى مدارك الإنسان لهذه العوالم، لتبدّل موقفه منها، ورفع الغطاء الكثيف الذي كان على بصره وبصيرته فى الحياة الدنيا.