حساب فيما يأتى وما يذر من الأعمال..
وسمّى يوم القيامة «يوم الدين» لأنه يوم الدينونة، ويوم الحساب، حيث يدان الإنسان، ويجازى بما عمل..
وأصله من الدّين، لأن لله سبحانه وتعالى دينا على كل مخلوق، بخلقه من عدم، ثم بما أودع فيه من قوى، ثم بما أفاء عليه من فضله وإحسانه.. ولهذا كان كل موجود مسبّحا بحمد الله، قضاء لبعض هذا الدين.. وقد وفىّ كل مخلوق دينه لخالقه، إذ لم ينحرف عن الطريق الذي أقامه الله سبحانه وتعالى عليه، ما عدا الإنسان: فإن أي إنسان مهما اجتهد فى طاعة الله، وتحرّى مواقع مرضاته، فإنه لا يسلم أبدا من عوارض التقصير.. ولهذا كان الناس جميعا واقعين تحت الدينونة..
والديان، صفة من صفات الحق جلّ وعلا، لأنه صاحب الفضل والإحسان على هذا الوجود.. يقول الشاعر:

لاه ابن عمّك لا أفضلت فى حسب عنّى ولا أنت ديّاني فتخزونى
وقوله تعالى: «وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ» - إشارة إلى أن الخشية من عذاب الله، هى القوة العاملة فى توجيه الإنسان إلى الخير، وتجنبه للشر، أكثر من الطمع فى الجنة والرغبة فى نعيمها.. فمن طبيعة الإنسان أنه يحرص على أن يتوقىّ الشر، ويعمل له حسابا، أكثر من حرصه على تحصيل الخير والجدّ فيه.. ومن هنا كان من المبادئ العامة فى الشريعة الإسلامية:
«أنّ دفع المضار مقدم على جلب المنافع» فإن دفع الضرر، هو فى الوقت نفسه جلب لمنفعة، هى السلامة من هذا الضرر، والعافية من بلائه.. فدفع المضار


الصفحة التالية
Icon