إليهم، وهو ما نزل عليه من كلمات الله.. ثم هو مطالب ثانيا، بعد هذا التبليغ أن يبين للناس ما خفى عليهم فهمه مما نزل عليهم من آيات الله..
فالتبليغ شأن، وبيان ما يبلّغه شأن آخر..
وبهذا التدبير الحكيم فى نظم القرآن، يظل النبي صلوات الله وسلامه عليه، قائما فى مقام الخطاب من ربه، وفى الحضور بين يديه، كلما تلا آية من آيات الله، أو سمع تاليا يتلوها عليه، فقد روى أنه صلى الله عليه وسلم، كان يطلب إلى بعض أصحابه أن يقرءوا عليه ما تيسر من كلام الله، فيقول قائلهم له:
أأتلوه عليك وعليك أنزل؟ فيقول صلوات الله وسلامه عليه: «نعم إنى أحب أن أسمعه من غيرى.. ففى البخاري عن عبد الله بن مسعود، قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علىّ» فقلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «نعم.. إنى أحب أن أسمعه من غيرى» فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) فقال: «حسبك الآن».. فإذا عيناه تذرفان».
وهذا الأسلوب الذي جاء عليه نظم القرآن، والذي يجعل النبي فى مقام الحضور، والخطاب من الله بكلمات الله- هذا الأسلوب من شأن القرآن وحده، ومما اختص به من بين الكتب السماوية المنزلة..
فالتوراة ليس فى نظمها موقف واحد لأى نبى من الأنبياء مع الله سبحانه وتعالى، يمثله في موقف حضور وخطاب من الله سبحانه، حتى موسى عليه السلام الذي كلمه الله تكليما من غير وساطة ملك الوحى، جاءت كل كلمات الله سبحانه وتعالى إليه فى التوراة على سبيل الحكاية.. هكذا: «وكلم الرب موسى قائلا: «فى الشهر السابع، فى أول الشهر يكون لكم عطلة، تذكار هتاف البوق محفل مقدس.. عملا ما من الشغل لا تعملوا، ولكن تقدمون وقودا للرب..