وآمنوا.. فمال هؤلاء المشركين لا يؤمنون؟ وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون؟.
وأما ما يروى من أن النبي ﷺ قد التقى بالجن، ودعاهم إلى الله سبحانه، فيما تلا عليهم من آيات الله، فقد يكون ذلك فى ليلة بعد تلك الليلة، وبعد أن حمل هؤلاء النفر إلى قومهم نبأ النبي الذي نزل عليه هذا القرآن الذي استمعوا إلى بعض منه.. فجاءوا يطلبون مزيدا، ويلقون النبي لقاء مواجها، بعد أن عرفوا ما بين يديه من هدى ونور.
وعلى أىّ فإنه ليس مما يدخل فى عقيدتنا، أو يلزمنا التصديق به، أن النبي ﷺ قد بعث إلى الجن، كما بعث إلى الإنس، وحسبنا أن نؤمن بأنه رسول الله إلينا نحن البشر، وأن الرسالة الإسلامية، وكتابها الكريم، موجهان إلينا نحن البشر، أما أن تستفيد من ذلك عوالم أخرى فذلك ما لا يدخل فى عقيدتنا، ولا يلزمنا البحث عنه. والله أعلم.
وقوله تعالى: «فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً» - هو بيان للأثر الذي كان للقرآن من استماع الجن إليه، وأنهم عجبوا لما سمعوا، لأنهم لم يسمعوا كلاما مثله، فكان ذلك مثار عجبهم، ودهشهم.. إنهم يسمعون كلاما، ولكنه كلام عجب، فيما له من سلطان على النفوس، وتمكن من القلوب..
وقولهم «سمعنا» بدلا من «استمعنا» لأنهم خرجوا من مجلس الاستماع، وقد أصبح الذي استمعوا إليه مسموعا لهم سماعا متمكنا، واعيا.. ولو قالوا «استمعنا» لدلّ ذلك على أنهم تكلفوا جهدا لما سمعوا، وأنهم حملوا أنفسهم على ذلك حملا طوال مجلس الاستماع، والواقع غير هذا، فإنهم ما إن