نخرج من سلطان الله، ولن نفر من القدر المقدور لنا، سواء انطلقنا فى وجوه الأرض، أو صعدنا فى أجواء السماء.. والظن هنا بمعنى اليقين.
قوله تعالى:
«وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ.. فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً».
أي وهذا شأننا نحن من بين قومنا، وذلك أننا لما سمعنا الهدى- أي القرآن- آمنا به.. ومن يؤمن به فإنه لا يخاف بخسا، بنقص حسناته، ولا رهقا بمضاعفة سيئاته، بل سيجزى الجزاء الذي يقوم على ميزان العدل المطلق..
ومعنى نفى الخوف من البخس والرهق، هو أن المؤمن يلقى الله وبين يديه بشريات إيمانه، التي تملأ قلبه سكينة وأمنا، أما غير المؤمن فإنه يتوقع أن يسام سوء العذاب، وأن يلقى الهوان والنكال من كل وجه، فهو فى مهب عواصف الخوف دائما.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ» (٤٠: فصلت).
وقوله تعالى: «فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً» - هو جواب الشرط، وقد اقترن بالفاء لوقوعه منفيا.
قوله تعالى:
«وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً» - هنا يعود الجن إلى أنفسهم مرة أخرى، فينطقون بما تنطق به حالهم، من أن منهم مسلمين، أي مستقيمين على طريق الإسلام، والسلامة، ومنهم القاسطون، أي الظالمون، المنحرفون عن طريق الحق والهدى..