أحاط بما كان لدى الرسل من طاقة صبر، وقوة واحتمال، على مواجهة السفهاء والضالين من أقوامهم، وأنه سبحانه قد علم كل شىء، وأحصاه عددا، لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء..
هذا وجه من وجوه التأويل لقوله تعالى: «إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا»..
وقيل، إن الرصد الذي يسلكه الله سبحانه وتعالى من بين يدى الرسول ومن خلفه، هو الحفظة من الملائكة، القائمين على الوحى المبلغ إلى الرسول، حتى يحفظوه من استراق سمع الشياطين له..
وعلى هذا يكون الضمير فى قوله تعالى: «ليعلم» عائدا إلى الله سبحانه وتعالى، أي ليعلم الله أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم على الوجه الذي أوحى إليهم به..
وعلم الله هنا ليس مقيّدا، ولا معلولا بهذا الرصد الذي يسلكه الله بين يدى ما يوحى به إلى رسله ومن خلفهم.. فعلم الله سبحانه وتعالى، علم ذاتى، لا يتعلق بأسباب، ولا يتولد عن علل.. وإنما المراد بالعلم هنا، العلم بما وقع من الرسل، فعلا، بعد أن كان هذا العلم واقعا على الأحداث قبل أن تقع.
وعلى هذا يكون قوله تعالى: «وأحاط بما لديهم وأحصى كل شىء عددا» حالان من فاعل: «ليعلم» وهو ضمير عائد على الله سبحانه وتعالى: أي ليعلم الله سبحانه أن الرسل قد أبلغوا رسالاته، والحال أنه سبحانه قد أحاط بما لديهم قبل أن يعملوه، وأحصى كل شىء عددا، قبل أن يوجد..
والله أعلم..