القضايا التي تستحق من العقل أن يناقشها، وان يستحضر وجوده كله لها، وذلك بعد أن استدعى هذا الاستدعاء القوى الذي شدّ إليه بالقسم، لينظر فى الزمن، وما تلد آناته ولحظاته من عجائب.
والقضية التي يدعى إليها العقل هنا، هى سنة من سنة الله سبحانه وتعالى، فيما يأخذ به أهل الزيغ والضلال، من بأساء وضراء فى الدنيا، وما أعد لهم فى الآخرة من عذاب السعير..
وفى عاد وثمود وفرعون، يتمثل وجه كريه من وجوه الكفر والضلال، والعتوّ.. وقد أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فاقتلعهم من جذورهم، وقطع نسلهم، وأتى على ما بنوا، وشيدوا.
وقوله تعالى:
«وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ» معطوف على قوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ» وكيف فعل ربك بثمود؟ وثمود، هم قوم صالح عليه السلام، وهم من العرب البائدة، وديارهم بالحجر بين الشام والعراق، وقد مر بها النبي، صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك فسجّى ثوبه على وجهه، وأمر أصحابه أن يمروا بها مسرعين، وقال:
«لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون، خوفا أن يصيبكم مثل ما أصابهم» وقوله تعالى: «جابوا الصخر» أي قطعوه، وشقوه كما يشق الجيب، وهو فتحة الثوب التي يلبس منها.. ومعنى ذلك أنهم نحتوا الصخر فى الوادي الذي يسكنون فيه، وجعلوا بيوتهم منحوتة فى كيان الصخر، فكانت


الصفحة التالية
Icon