عدة له من عدد الحرب التي يرهب بها أعداءه.. فلما سمعت قريش بمقدم أبرهة بهذا الفيل الذي يتهددهم به، فزعت، وهالها الأمر..
قالوا: ونزل أبرهة بجيشه وفيله بمكان اسمه «المغلّس» على مشارف مكة، وحط رحاله هناك، استعدادا لدخول مكة، وهدم الكعبة..
ثم إنه استدعى إليه صاحب كلمة قريش يومئذ، وكان عبد المطلب بن هاشم، جدّ النبي.. فجاء إليه، فكلمه أبرهة فيما جاء له، وأنه لا يريد شرا بالناس، وإنما جاء ليهدم الكعبة، فإن أخلت قريش بينه وبين الكعبة لم يعرض لهم بسوء، وإلا فقد عرفوا ما سوف ينزل بهم من بلاء!! فقال له «عبد المطلب» :
دونك وما تشاء.. ولكن ردّ إلينا ما احتواه جيشك من أموالنا.. وكان جيش أبرهة قد ساق كل ما صادفه فى طريقه من إبل وشاء، وعبيد، مما كان على مواقع المراعى لقريش.. فقال أبرهة: أحدثك فى شأن الكعبة، وتحدثنى عن الإبل والشاء؟ أترى هذه الأنعام أكرم عندكم وأغلى من هذا البيت الذي تعظمونه؟ فقال «عبد المطلب» هذه الأنعام لنا، أما البيت فله ربّ يحميه!! قالوا: ودعا عبد المطلب قريشا إلى أن يخرجوا من مكة إلى شعابها، وجبالها، وأن يدعوا أبرهة والبيت الحرام..
وفى صبيحة اليوم الذي تأهب فيه أبرهة لدخول البلد الحرام، فشا فى جيشه الجدري، فهلك الجيش جميعه.
قالوا، وكان ذلك أول عهد العرب بهذا الداء، الذي لم تعرفه من قبل..
وقالوا: إن هذا الداء كان يهرى جسد من يلمّ به، حيث يتناثر لحمه، ويتساقط، قطعا قطعا، كما تتساقط الرمم المتعفنة..
وهكذا قضى على الجيش كله، ولم تبق منه إلا تلك الأشلاء الممزقة، المتناثرة.


الصفحة التالية
Icon