وليس هذا الأمر للأغنياء على سبيل الوجوب، بل هو للاستحباب والندب.. ولهذا جاء التعبير عنه بقوله تعالى: «فَلْيَسْتَعْفِفْ» ولو كان للإلزام والوجوب لكان النظم هكذا: «فليعفّ».. لأن فى الاستعفاف تردّد ومعاودة للفعل بعد الترك، والترك بعد الفعل.. وهكذا.
الآيتان: (٧- ٨) [سورة النساء (٤) : الآيات ٧ الى ٨]
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (٧) وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٨)
التفسير: هنا يجىء ذكر الميراث، وأحكامه، بعد ذكر اليتامى، ومالهم على الأوصياء- الذين هم من أقارب المورّث غالبا- من حقوق..
فاليتم لا يكون إلا بعد موت الوالدين، وخاصة الأب، وكذلك الميراث، لا تقوم أحكامه إلا بعد موت المورّث.
وفى قوله تعالى: «لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ.. الآية) حكم عام مجمل للميراث، وستجىء الآيات بعد ذلك بأحكامه مفصلة مخصّصة.
وقوله تعالى: «وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً» هو تدبير حكيم، من لدن عليم خبير، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور..
فهذا مال ساقه القدر- على غير انتظار- لجماعة من قرابة المتوفّى،