المفارقة التي تقوم بينهما وبين آية النور، وبحيث تكون بينهما تلك العلاقة التي بين المنسوخ والناسخ له، إذا كان هناك وجه لرفع هذه المفارقة، أفلا نلتمسه، ونذهب إليه، ونأخذ به؟ فكيف وهناك أكثر من وجه؟
فأولا: «الزنا» فى صورته العامة الشائعة، التي يتعامل أهل العربية بها فى لسان اللغة، وفى لسان الشريعة، هو تلك الجريمة التي تقع بين الرجل والمرأة على غير فراش الزوجية..
وقد جاءت آية «النور» صريحة فى حكم هذه الجريمة، فقال تعالى:
«الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» (٢: النور) (وثانيا) : هناك جريمتان هما من قبيل «الزنا» ولكنهما ليستا بالزنا المعروف فى لسان اللغة، أو لسان الشرع.. ولهذا فقد كان لكل منهما اسم خاص به، فى اللغة وفى الشرع أيضا، وهما: السّحاق، والّلواط..
و «السحاق» عملية جنسية، بين المرأة والمرأة.
و «اللواط» عملية جنسية، بين الرجل والرجل.
و «والزنا» عملية جنسية، بين الرجل والمرأة.
وفى هذه الصور الثلاث تكتمل العملية «الجنسية» فى أصلها، وفيما يتفرع عنها.
(وثالثا) : إذا قيل إن الآيتين السابقتين متعلقان بأحكام «الزنا» الأصلى الذي يكون بين المرأة والرجل، وأن ذلك كان فى بدء الإسلام، ثم نسختا بآية «النور» - إذا قيل ذلك، كان معناه أن كل ما ورد فى القرآن الكريم