«وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ». (١٢٦: آل عمران) وبين الآيتين اختلاف فى النظم اقتضته الحال هنا وهناك.
ففى آية بدر، جاء قوله تعالى: «وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى» على حين جاء هذا المقطع فى آية أحد: «وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ»، مقيدا هذه البشرى بأنها للمؤمنين، وقد جاءت مطلقة فى آية بدر!.
وحكمة هذا- والله أعلم- أن إطلاق البشرى فى «بدر» كان حيث لا حساب لأحد غير المسلمين فى هذه البشرى، إذ هى خالصة لهم، إذ كانوا جميعا فى وجه العدوّ صفّا واحدا، ويدا واحدة.
أما فى «أحد» فقد انقسم المسلمون على أنفسهم، وهمّت طائفتان منهم أن تفشلا، وانحاز عبد الله بن أبى بن سلول بشطر كبير من المسلمين، وكانت قولته هو وأصحابه: «لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ».. فجاءت البشرى هنا على غير إطلاقها للمسلمين جميعا، وإنما هى للذين واجهوا العدوّ فى أحد، والتحموا معه فى القتال.. فكان قوله تعالى: «وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ» إشارة إلى هؤلاء المؤمنين الذين وجّهوا وجوههم إلى لقاء العدوّ، دون هؤلاء الذين نكصوا على أعقابهم.
وفى آية بدر جاء قوله تعالى: «وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ» وفى آية أحد:
«وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ» وذلك لأن حاجتهم فى بدر إلى مجرد الاطمئنان كانت هى مطلبهم الذي يطلبونه فى تلك الحال، وينتظرونه من الأفق الذي سيطلع منه.. فالمطلوب أولا هو هذا الذي يبعث فيهم الطمأنينة، وقد جاءهم فى هذا المدد السماوي من ملائكة الرحمن..
وفى آية أحد كانوا قد عرفوا هذا الذي يطمئنهم، وعرفوا الأفق الذي