هو تهديد ووعيد للكافرين، الذين يدلّون بقوتهم، ويعتزّون بكثرتهم..
فهاهم أولاء يشهدون بأعينهم كيف كان فعل الله بهم، وكيف أخذهم الله بيد أوليائه، ورماهم بالبلاء والذلة والهوان.. ؟
والاستفتاح: طلب الفتح، وهو النصر والغلب.
والخطاب فى قوله تعالى: «إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ» هو للمشركين، وهو بلاء فوق البلاء الذي أصيبوا به فى يوم بدر.. فقد جاءوا مستفتحين، أي طالبين النصر والغلب.. فهذا هو النصر الذي طلبوه، وذلك هو شأنهم أبدا مع المؤمنين.. إنهم لن يرجعوا إلا بنصر هكذا النصر الذي انقلبوا به، يحملون الخزي والعار، ويتركون فى ميدان المعركة سادتهم وأشرافهم، أشلاء ممرغة فى التراب! وفى قوله تعالى: «وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ» فى هذا ما يكشف عن المستقبل المظلم الذي ينتظر المشركين، إذا هم أصرّوا على موقفهم من المسلمين، ولم ينتهوا عماهم عليه من بغى وعدوان، فإن كثرة عددهم، وشوكة قوتهم، لن تغنى عنهم شيئا، ولن تدفع قضاء الله فيهم..
وفى قوله تعالى: «وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ» تيئيس للمشركين من أنهم لن ينالوا من المسلمين منالا، وأن العاقبة للمؤمنين، لأن الله معهم.. فلينظروا..
هل ينتصرون على جبهة يكون الله معها؟ فليجربوا!! وقد جربوا فعلا، فكان هذا الذي سجله التاريخ للدعوة الإسلامية، وما كتب الله لأهلها من النصر والفتح المبين.. وكان هذا الوعد من القرآن الكريم فى مطلع الدعوة الإسلامية معجزة من معجزاته، فيما كشف به عن حجب الغيب، وأنباء المستقبل..