والمدرار الذي يرسله الله من السماء: هو الغيث الذي تحيا به الأرض، وتخرج به الحبّ والنبات، والذي به تطيب حياة النّاس، ويكثر فيهم الخير، وتقوى به أيديهم على أن تطول الكثير مما يشاءون من أسباب القوة، والحياة، والسلطان.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ».
- وفى قوله تعالى: «وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ» تحذير لهم من أن يرفضوا هذه الدعوة المباركة، التي تصلهم بالله، وتفتح لهم أبواب رحمته، وتسوق إليهم غيوث رزقه.. فإن هم أعرضوا وتولّوا فقد أجرموا فى حقّ أنفسهم، وجنوا عليها..
- وقوله تعالى: «مجرمين» حال من الفاعل، وهو الواو فى تتولوا.. أي لا تعرضوا عن الاستجابة لى، محمّلين بهذا الجرم الذي أنتم فيه، والذي لا يخلصكم منه إلا الاستجابة لما أدعوكم إليه، والإيمان بالله.
«قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ».
البيّنة: البرهان، والدليل.. اعتراك: أي أصابك، وأصله من العور، والعوار، وهو آفة تعرض للشىء فتفسده، ومنه اعتوره بالسيف، أي ضربه به، فأفسد بعض أعضائه، أو أفسد كيانه كلّه.. ومنه العور، وهو عمى إحدى العينين.
والردّ الذي ردّ به القوم على «هود» - عليه السلام- هو الذي يلقى به المكابرون المعاندون كلّ دعوة حق.
إنهم يطلبون بيّنة من «هود» وإلّا فإنهم لا يأخذون بأية دعوة قوليّة،