وإذا كان ذلك هو سلطان الإله الذي أعبده وأتوكل عليه، فإنى لن أعبأ بكم ولا بآلهتكم.. «إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» أي إن الإله الذي أعبده، أمره واضح، وسلطانه قاهر، وحكمه نافذ، وأثره فى الوجود لا يخفى على ذى نظر.. فالطريق إليه مستقيم واضح، لمن طلب التعرف عليه، والإيمان به.
وفى قوله «رَبِّي وَرَبِّكُمْ» مع أنهم لا يعترفون بربّه ربّا لهم، هو تقرير لأمر واقع، وحقيقة ملزمة، لا فكاك لأحد منها، رضى أو لم يرض، آمن أو لم يؤمن.. ولهذا فإنه بعد أن قرر هذه الحقيقة، عاد فخصّ نفسه بالإيمان بها وحده، ولم يدخلهم معه فى الإيمان، فقال: «إن ربى على صراط مستقيم».
قوله تعالى:
«فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ».
أي فإن آمنتم بالإله الذي آمنت به، والذي أدعوكم إليه، فقد اهتديتم، ورشدتم، وإن تتولّوا فلا متعلّق لكم بي.. «فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم».. «وما على الرسول إلا البلاغ».. ولستم أنتم عباد الله وحدكم، بل إن لله عبادا كثيرين، يؤمنون به، ويقدرونه حق قدره، يجيئون بعدكم، ويقيمهم الله خلفاء بعدكم على هذه الأرض، وإنكم لن تضرّوا الله شيئا، ولن تنقصوا أو تزيدوا من ملكه شيئا، ذهبتم أو بقيتم، كفرتم أو آمنتم.. «إن ربّى على كل شىء حفيظ» أي مالك كل شىء، حفيظ على كل شىء، لا يستطيع مخلوق أن يغيّر أو يبدّل فى ملكه ذرة من ذرات هذا الوجود.
قوله تعالى:
«وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ»..
الأمر: الحكم، والقضاء الذي قضى به على هؤلاء القوم الظالمين،