أما الخبيث المرذل، فهو مردود على أهله، يطعمون من خبثه، ويتقلبون على شوكه! فالأعمال التي يعملها الناس فى حياتهم الدنيا، هى زادهم الذي يطعمون منه فى الآخرة، فإذا كان ما عملوه صالحا، وجدوا الحياة الطيّبة معه، حيث يتلاءم مع الدار الجديدة التي نقلوا إليها، والتي لا يقبل فيها إلا ما كان طيبا..
أما الرديء الخبيث فهو ردّ على أهله، وبلاء على أصحابه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ» (٣٤- ٣٥: التوبة).. فهذا الذهب الذي اكتنزه المكتنزون، وبخلوا به، فلم ينفقوا منه فى سبيل الله- هذا الذهب، قد تحوّل إلى أداة من أدوات العذاب لأهله.. إنّه عملهم السيّء، قد انتظرهم هناك! وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» (١٠: النساء)..
فهو نفس الشيء.. عمل سيىء حصّلوه فى الدنيا.. فانتظرهم هناك..
فى الآخرة..
إن العاقل- وبصرف النظر عن الدّين- يغرس فى مغارس كثيرة قد لا تعطيه أي ثمر فى حياته، وإنما يجنيه أبناؤه من بعده.. وهو مع هذا لا يضنّ على هذا الغرس بمال أو جهد..
وإن العاقل الرشيد ليرى أن دنياه هذه لا يمكن أن تتسع لمغارسه، وأنه لا بد من حياة وراء هذه الحياة يغرس لها ليجنى هناك بيديه ثمر ما غرس.